بشر وعيشة..................................
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
في مدينة النور يسير والظلام يغطي الزقاق الطويل المؤدي إلى غرفته في البناية التي يقطنها جيران كثر لا يعرف أغلبهم هناك في أخر الزقاق البناية ليس بها شرفات كالبنايات في بلده الأم ، مبنى يشع بردا ووحدة.يأتيه كل يوم قبل الفجر بقليل يرتمي على فراشه دون أرق ...............دون ذكريات
جاء إلى باريس منذ سبعة أعوام هاربا من الأرق والذكريات ، حالما بحياه خالية منها .....تلك الجميلة المحرمة.حينما اعترف لأمه بحبها أنتفضت صارخة شقت صدرها لطمت خدها .....ليدوم العويل عاما
عاما طويلا لا حديث إلا عن زواجه ، صور فتيات صغيرات كبيرات عانسات ليس عليه إلا أن يشير بأصبعه ليتم الزفاف فى أقرب وقت.
هكذا رأت الأسرة الحل والسبيل للخروج مما فيه
ضغوط من والد لا يملك أختيار طعامه ينصحه والدموع تملئ عينيه أرضخ ياولدي ولا تقاوم فيزداد عذابك لقد أطاح بك قلبك إلى قدر معلوم...................
أستسلم وتزوج تماما برغبة أمه........................................................
توالت الأيام والشهور ولم تحدث الألفة التي وعدته بها أمه قبل الزواج .لم يألف عروسه .....وجهها ولا صوتها هي امرأة ككل النساء صوتها الدائم الأرتفاع يصيبه دائما بالدهشة ، رائحة شعرها تغلق شهيته لشهوة دارت رحاها تطحن النفس والروح وقد تخطى عقده الثالث بسنوات عاما أخر يمر مدويا .....مهلكا .......لا فكاك......لا طلاق فى شريعتهم..........................................فلم يكن من طريق غير الهجرة.
ارتمى هنا عند صاحب الحانة الزرقاء توسل للعمل بعينين زائغتين لا ينويان على شئ لم يكن مألوفا لصاحب الحانة أن يأتيه عربي عيناه خاليتان من النوايا ، يأتيه الكثيرون يرضون بأحقر الأعمال ولكن فى عيونهم يرىما رأه فى صحراء سيناء!!!!!! فيرفضهم جميعا قَبِلَ به وأدخله الحانة ساقيا وبعد عام واحد أدخله بيته صديقا ......لم يلحظ في بيته غير صرة معلقة على شمعدان من الفضة سأله عما بها رد بأقتضاب إنها صرة تراب القدس أحضرتها معي نثرة من تراب لن يكون لنا يوما ولن أعود إليه يوما .
يتناولان الطعام أحيانا ويتبعانه بشراب أحيانا أخرى يبث كل واحد منهما همومه للأخر ليتركه ويعود إلى زقاقه المظلم وبيته الباردوفراشه العاري مرتميا بلا حراك ولا قدرة على اجترار الذكريات ، يتلصص أحيانا على أخبار حبيبته يعلم أنهم زوجوها لرجلا ثريا أشترط عليها ألا يرى وجهها غيره وتأتي إلى بيته لا تخرج منه إلا لقبرهاومنذ ذلك الحين لا يعلم عنها شيئاتنامى إلى علمه أن زوجته احترفت الأدب ، تكتب قصصا في عدة إصدارات ألكترونية واشترت سيارة صغيرة.لا يفكر كثيرا عندما يدخل من هذا الزقاق الضيق المظلم حتى عندما يصطدم صدفة بحارس البناية العراقي لا يتذكر أسمه ولا اسم أبنه الذي جاء به إلى باريس لكي يتمكن من علاجه بعدما أصابته اشعاعات القنابل الامريكية التي ألقيت على بلدته الفلوجة
من النادر أن يرن الهاتف المهشم القابع تحت سريره رن....قبل أن تظهر الشمس ربما لن تطلع لهذا اليوم شمس .خرج من سماعة الهاتف صوت دافئ قفزت منه رائحة اليود وصوت هدير الموج باكوس المزدحمة وطرق بهلول بالملعقة على ظهر الصينية ، كركرات الشيشة وابتسامات أبو علي ماسح الاحذية سعال عم فوزي المتحشرج المتسور في كلتا ذراعيه سلاسل الصلبان الخرزية التى تصنعها زوجته العجوز يبيعها لكل رواد القهوة غير عابئ أمسلم أم مسيحي
انتهت المكالمة ومازالت عيناه زائغتين لا تلويان على شئ .
انتهت
نهلة فراج
28/8