الخميس، 24 يناير 2013

إلا قليلاً ( 3 )..........................................

اللوحة للفنانة أميرة الركايبي
إلا قليلاً (3 )

 


 

إغفاءة مع قليل من نغم كلثومي .....عندما يسود الصمت إلا من انسجامات خفيفة وأهات طويلة تسرد الذكرى مشاهد كلقطات فلاش فى غرفة مظلمة .....

إفاقة مع انتفاضة وسريعا يعود للجمع هرج السهر واندماج قصري ......

-     عرقسوس يازينب

-     حاضر ياسي عبده

تتعالى الآهات .....تعالى ....تعالى ...تعالى .....تعالى

حب العمر كله نخلصه حب  الليلادي

تمصمص الست رتيبة شفتيها وهى تتنهد – مش اما تخلص الكوباية اللى فإيدك الاول

يستدير عبد الموجود ناحية الأستاذ بهي ( جارهم المعين حديثا فى وزارة المعارف وقد ترك فى شقته اخواته الثلاث ورفض حضورهن بعد دعوة عبد الموجود له لحفلة الست)

متجاهلا الست رتيبة وماقالته

-        أشرب ياأستاذ انت منورنا الليلة واللهي

-        تشكر ياسي عبد الموجود ماانا بشرب اهو

تصدح الست ماتخليش اشواقنا لبكرة ماتخليش فرحتنا لبكرة كأن اول ليلة فى الحب الليلادي

تجلس الست ماريان وزجها الخواجة خوسيه قرب النافذة

( خوسيه وماريان يعيشان فى الطابق الارضي هى تعمل فى خياطة ملابس السهرة لهوانم لوران والابراهيمية وخوسية يصلح الساعات فى محل صغير بمحطة الرمل جاءوا للأسكندرية بعيد مذبحة الأرمن على يد الأتراك واستوطنوا حي اليهود واصبحت موطنهم الجديد )

تعشق الست ماريان أم كلثوم كثيرا تدندن بأغانيها وهى تقص وتطرز الملابس لذلك تاتي القطعة من تحت يديها إكتمالا لقصيدة وفرحا يلائم جسد الهوانم

يشير الخواجة خوسيه باصبعه ناحية الساعة المعلقة على الحائط – مأخرة تلاتة دقيقة ياعبده نزلها نزلها

-        مش وقته ياخواجة انت ملزم ماتشربش العرقسوس ...الإزازة اللى فإيدك دي حتجيب أجلك

تتمتم الست رتيبة بكلماتها الغير مفهومة وتتفل على يسارها

-الملافظ سعد ياعبده

-انتى مالك ومالى حطانى فى دماغك ليه اشربي اشربي

ينادى عبد الموجود زينب التى دخلت إلى المطبخ ولم تعد

هربا من التحدث الى الست رتيبة التى تعاجله بنظرات تهز كيانه وهو الذي يعلم جيدا انها صديقة لزوجته وتعلم اكثر مما ينبغي

-يازينب الحلو يازينب الجاندوفلي المرادي كان حرش حبتين مولع جوفي

ناولنى ياخواجة القلة اللى وراك دى

يلقى عبد الموجود بفم القلة فى جوفه الحار

تنتهى السهرة والخواجة لم يعد يتحكم فى مسكة الزجاجة التى أفرغها عن اخرها

والاستاذ بهي يستأذن عبد الموجود ويعتذر بخجل عن عدم حضور اخواته لنومهم المبكر.....

والست رتيبة تجمع الأكواب والصحون وتساعد زينب وزوجة عم ادريس دوسة تلتصق بجواره منتشية من نظرات الاستاذ بهي المختلسة كل لحظة

يغلق عبد الموجود باب الشقة خلف أخر الخارجين من عنده وهو يتنهد ويتثائب الست دى حاجة عظمة اوى احسن حاجة انه صابح الجمعة والواحد ينام ويريح لحد صلاة الجمعة

-        ألا يازينب ماتعرفيش الحاج مرسي ماجاش ليه

-        وانا اعرف منين مش انت قايله امبارح

-        اه قولتله واحنا طالعين امبارح من القهوة بس شكله ماكانش مبسوط

-        اه مغموم حبتين الواد ابنه كل اما يحط عينه على واحدة ويروح يخطبها يرفضوه

-        عالم مابتفهمش دة عنده فلوس متلتلة ايه يعنى عينه حولة حبتين هو يعيب الراجل إلا جيبه !!!.....................

 

يصحو فينا الألم عندما ننزع فتيل الأسى ..............

تنظر إليه زينب عندك حق ياخويا الراجل مايعيبوش إلا جيبه

تلقيها وهى تعطيه ظهرها لتسلم نفسها لنوم عميق بعد إرهاق وتعب حفلة الست

 

يستيقظ عبد الموجود على رائحة بخور الست رتيبة الذى تسرب  من النافذة المغلقة إلا قليلا

يلتقط المنشفة ليلقيها على كتفه وهو يتثائب

-        قومى يازينب الدنيا بأت ضحى

تتمطى وقد بدا عليها تعب الأمس

-        حاضر أولعلك البابور ياسي عبده

-        لأ المية مش ساقعة انا مش حستحمى انا حتوضا بس

-        طيب ححضر الفطار على ماتطلع

-        ابقى اطلعي لمرات الحاج مرسي اعرفي منها ماجوش امبارح ليه وقت الصلا يعنى

-        حاضر

ينتزع الاذان كسل عبد الموجود فيهرول نحو الحمام

 

داخل المسجد يعلو صوت الشيخ وهو يدعو الله لمصابي الأمس السيدة التي حُرقت ومعها طفلها بسبب وابور الجاز ويذكر امة المسلمين ان ماأصابهم من غلاء وحوادث إلا جراء ذنوبهم وسماعهم الأغاني طوال الليل والنوم عن صلاة الفجر

يخرج عبد الموجود من المسجد متذمرا من خطبة الشيخ وكأنه يتحدث عنه وعن ليلة الامس وحفل الست ...... منتظرا للحاج مرسي

يقابله سنان أفندى جارهم فى الطابق الثانى المجاور لشقة الست رتيبة

-        صباح الخير ياسي عبده اني زعلان منك

-        خير ياسنان افندى

-        بقى تعزم البيت كله على حفلة الست ولا كأني جاركم

-        اه لا مؤاخذة انت عارف البيت كله رجالة ومعاهم حريمهم يعنى مش كويسة يعنى

-        اه ياسي عبده بس انت عزمت الاستاذ بهى

-        ايون عزمته علشان معاه اخواته البنات

-        بس اللى عرفته انه جه لوحده

-        يعنى حنطردوه لما جه لوحده ولا نرجعه ونقوله ياتجيب اخواتك معاك يامتدخلش

-        خلاص ياسي عبده انا اخدت على خاطري واللهى دة احنا عشرة عمر برضك

يلوى عبد الموجود ظهره قائلا لنفسه عشر عفاريت لما يركبوك راجل رذل

يذهب نحو أحد المتسولين المكومين عند باب المسجد ليخرج تعريفة ويدسها فى يده متسولا منه ادعيلى والنبي بالذرية أموت واشوفلى عيل من صلبي

 

ينتظر بعض الوقت ولا يخرج الحاج مرسي فيسال عنه الجيران ليعلم انه لم يراه احدا اليوم

يصعد درجات السلم ليجد الست رتيبة تدور بالبخور حول رأس الست ماريان

متهكما  - انتي علمتيها جنانك دي كمان

-اطلع اطلع انت ايش حشرك وسط النسوان ولا اقولك تعالى اما ارقيك انت كمان

يستسلم عبد الموجود لتمتمات الست رتيبة وكأن الامل ينعقد حول هذه القشة متناسيا ماقاله منذ هنيهة .................
....................................................................

نهلة فراج

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق